كيف نوقف الانتكاس إلى المخدرات !
د. احمد جمال ماضي أبو العزائم
مستشار الطب النفسي وعلاج الإدمان
إن العاملين في مجال علاج المدمنين يجدون أنفسهم بعد العلاج الدوائي وانتهاء أعراض الانسحاب من الإدمان في حيرة من أمرهم فهناك مشكلة كبرى يخشى عودتها0 ذلك أن شبح الانتكاس والعودة للإدمان يهدد الكثير من الذين تم علاجهم من الإدمان .
والإدمان ليس فقط مرض ولكنه نمط حياة وأولئك الذين قرروا الإقلاع عن الإدمان والعودة إلى الصحة النفسية فأنهم كالمهاجرين من مجتمع إلى مجتمع أخر داخل نفس المدينة والمكان فالتوقف أذن ليس فقط التوقف عن تعاطي عقار أو مخدر ولكنه تأقلم جديد لحياة جديدة في مجتمع الأمل والاطمئنان بعيدا عن مجتمعهم الماضي.
وكغيرهم من المهاجرين فأنهم يأملون من الله المساعدة ويأملون التقدير من الآخرين.
غير أن أولئك الناقهين من الإدمان في بحثهم عن طريق جديد للاطمئنان والحياة المستقرة فأنهم يحتاجون منا إلى شئ اكثر من مجرد التشجيع. انهم يحتاجون إلى التوجيه واكتساب خبرات جديدة وعلاقات جديدة تساعدهم في النجاح للهجرة من مجتمع الإدمان المظلم إلى مجتمعهم الجديد الذين ينشدون فيه الاطمئنان والسعادة والأمان . ولكي نستطيع مساعدة ذلك الذي هجر المخدرات وأصبح نظيفا منها يجب أن نعرف ما يعانيه وما يقاسيه وما يدور في ذهنه بعد التوقف عن تعاطيه المخدرات.
إن أول شيء يواجه الناقهين من المخدرات هو:
- الرغبة في العودة لها وذلك الشعور يستمر معه لمدة عدة أشهر بعد العلاج 0 ذلك الإحساس والرغبة في العودة للمخدرات هو نتيجة لتعوده لمدة طويلة عليه وتعوده على مجموعة من أصدقاء ومجموعة من الأماكن يذهب أليها، وهو يحتاج للإرادة حتى يؤثر في هذه المجموعات لا أن يتأثر بها مرة أخرى.
- والشيء الأخر هو احتياجه إلى مجموعة من العلاقات الاجتماعية السوية التي تساعده في النضوج وتساعد أرادته في النمو وتقوي من عزيمته . غير أنه كثيرا ما يخشى هذه العلاقات الجديدة لخوفه من معرفة الناس انه كان مدمنا ولاحتياج الصداقة الجديدة للمصارحة بماضي الإنسان فأن هذه الصداقات الجديدة تسبب له القلق والتوتروتدفعه بعيدا عن تكوين علاقات جديدة مع أفراد أصحاء
- مشاكل التأقلم مع الحياة واكتساب طرق جديدة للإشباع بعيدا عن المخدرات وهذه تحتاج منه إلى تعلم أنماط جديدة من السلوك وتحمل ظروف الحياة والتأقلم مع المشاكل ومواجهتها وفشله في ذلك سوف يجعله يشك سريعا في قدرته على الاستمرار نظيفا من المخدرات خاصة أنه بعيدا عن المخدرات يفقد الكثير من المزاج والمرح الذي كان يحصل عليه مع هذه المخدرات مما يجعل رؤيته لما يدور حوله رؤية غير ممتعة في أول الأمر ويحتاج لبعض الوقت للتأقلم مع هذه الاحداث0
- وفي خلال هذه الفترات الأولى من التأقلم وتعلم أنماط جديدة من السلوك فأن حدوث آلام أو مشاكل أو توترات شديدة مع عدم اكتمال تعلمه للصبر عليهاوطرق التخلص منها والسلوك السليم في مواجهتها فأن هذه الآلام والمشاكل والصعاب قد تدفعه إلى الإحباط واليأس والعودة للإدمان مرة أخرى.
- هناك أيضا الحاجة لعلاقات جديدة تدفعه إلى الاعتماد على النفس اكثر من اعتماده على الآخرين واعتماده على المخدرات غير أن ذلك يحتاج للوقت ويأتي ببطء ويحتاج لفترة طويلة وصبر وإصرار.
- كما أن علاقات ذلك الشخص بعد تركه للمخدرات مع أصدقائه والمحيطين به تتعرض لمشاكل كثيرة نتيجة لتركه لرفقاء السوء ونظرته الجديدة لهم مما يدفع بهم إلى الهجوم عليه في مسيرته الجديدة بهدف بتحطيمهم لثقته في نفسه وفي قدرته على الاستمرار بعيدا عن المخدرات مما قد يؤثر في مسيرته حيث تكون شخصيته هشة في هذه الفترة بالإضافة إلى ضغوط الأهل ( أب وأم وزوجة وأبناء) فتتجمع هذه الضغوط لتؤثر في مسيرته إلى الصحة النفسية والنضوج.
- ثم هنالك توفر المخدرات إما من الأصدقاء أو من زملاء العمل أو كهدايا تقدم له للضغط عليه ولذلك فان تعلمه أن يقول(لا) للمخدرات هو عامل أساسي في التحسن ذلك أن تعاطيه لجرعة جديدة من المخدرات بعد علاجه أيا كانت جرعتها وظروف تلك الجرعة والضغوط حولها قد تؤدي إلى انتكاسه وعودته بعنف للمخدرات.
كل تلك المؤثرات بالإضافة إلى ما قد يتعرض له المدمن من مشاكل دراسية أو مشاكل في العمل والحياة مع الوالدين والأسرة والزوجة كل تلك الضغوط قد تؤثر عليه سلبا مؤدية به إلى احتياجه إلى المزيد من جهد الآخرين معالجين وأصدقاء وأسرة ومجتمع كبير لمساعدته في المرور بمرحلة النقاهة من المخدرات بسلام عودة إلى الحياة المطمئنة السعيدة.
إن مجرد الرغبة في الخروج من المخدرات قد لا تكون كافية في مواجهة هذه المشاكل بل إن الإصرار والصبر هو الحل الوحيد ذلك أن الانتكاس مرة أخرى إلى المخدرات يؤدى إلى فقده الثقة في نفسه وألمه الشديد بفشله في مواجهة هذه المشكلة وآلام الأسرة لذلك وآلام الأصدقاء وآلام المعالجين أنفسهم، ولذلك يجب أن تكون فترة ما بعد العلاج من الإدمان على المخدرات هي فترة اهتمام قصوى من الأسرة والأصدقاء والمريض نفسه وأن تكون “لا” للمخدرات هي إصرار وعزم لان الانتكاس يفقد الآخرين الاهتمام به ويؤدي بهم إلى اليأس منه فتقل مساعدتهم له وتزداد مشاكله مرة بعد أخرى.
لذلك فأن أي برنامج للمساعدة هؤلاء الذين قرروا التوقف عن الإدمان على المخدرات يجب أن يشتمل على :
- علاج كيماوي لإنهاء تأثير الانسحاب من المخدرات وإصلاح ما أفسدته المخدرات في أجهزة الجسم المختلفة وذلك يحتاج إلى الفريق الطبي المدرب.
- العلاج الأساسي وهو استكشاف أسباب المشكلة والوصول إلى أعماق الشخصية ومحاولة العلاج النفسي الفردي وعلاج جذور المشكلة أسريا وتعريف المريض بمخاطر المخدرات ومساعدته في المرور من مرحلة الشوق للمخدرات إلى الاطمئنان بدونها.
- متابعة نفسية لمناقشة الماضي وتدعيم حركته في المستقبل وإسداء النصح له وتدريبه لمواجهة المشاكل من خلال برامج تأهيلية نفسية وعلاج نفسي تدعيمي وتنميه مهارات اجتماعية ومهارات التغلب على ضغوط أصدقاء السوء.
- مساعدة للنفس والآخرين من خلال جماعات أصدقاء المرضى وهو أصلا مرضى آخرون يكون لوجودهم مع مرضى في مرحلة النقاهة هام حتى يعطوهم الخبرة اللازمة ويكونوا لهم أصدقاء وشبكة من الصداقة تساعدهم على النقاهة والمرور من هذه الفترة بهدوء
رعاية الناقهين من الإدمان :
فأنه يمكن القول بأن مرحلة ما بعد التوقف عن المخدرات يحتاج إلى مستويات من المساعدة.
تدريب الناقهين:
المستوى الأول
وهو خدمة نفسية متخصصة الهدف منها هو مساعدة علاجية جماعية لتدريب الناقهين من المخدرات في الأيام الأولى لمساعدتهم في اجتياز هذه الفترة الأولى الحرجة غير أن هذه الجماعات العلاجية لا تناقش أمورا علاجية أساسية مثل الاكتئاب والغضب من الفترات الأولى للتوقف عن المخدرات ولا تقدم طرقا استر خائية سلوكية تهدف إلى البعد عن التوتر في هذه الأيام الأولى للتوقف ولكن هدفها هو تدريب تعليمي هو مساعدة أولئك الناقهين من المخدرات في إعادة دراسة خبرتهم السابقة مع المخدرات والتفكير في طريق الخلاص من هذه المخدرات وعدم العودة لها وتعلم مفاهيم أساسية عن طريق الحياة الصحية وكيفية خلق مجالات جديدة في حياتهم تساعدهم على خوض هذه التجربة بنجاح وتحضيرهم للمصاعب المتوقفة في الفترات الأولى للتوقف وممارستهم لما يجب عمله في مواجهة هذه المشاكل ومساعدتهم في استمرار هذا التحسن والنقاء من المخدرات مع المساعدة الاجتماعية اللازمة.
المستوى الثاني :
هو مستوى ذو قاعدة واسعة من الأنشطة يكون هو قلبا وعقلا لهذا المجتمع من خلال عدة أنشطة وقائية وعلاجية والعمل على إنشاء جماعات أصدقاء الناقهين من الإدمان على أن تتكون هذه الجماعات من الناقهين من الإدمان أنفسهم مع كوادر مساعدة لهم من المعالجين أطباء وأخصائيين نفسيين أو أخصائيين اجتماعيين أو رجال شرطة أو شخصيات اجتماعية تكون قدوة لهؤلاء الناقهين.
جلسات تدريب الناقهين من الإدمان
أن هذه الجلسات التدريبية للناقهين من المخدرات تهدف إلى التركيز على مواجهة الصعوبات التي تواجه الناقهين في أيام علاجهم الأولى وهذه الجلسات يجب أن تركز على أربعة أهداف هامة:
الهدف الأول :
الاستمرار نظيفا من المخدرات:
وذلك من خلال
- الكف عن الإدمان ومواجهة الإلحاح والرغبة للعودة له.
- تفهم مواقف ومواطن الحظر التي قد تدفع إلى الإدمان مرة أخرى.
- الاستبصار بخطورة العودة إلى ما يعتبره البعض بسيطا (إيه يعني قرص ولا سيجارة ملفوفة دى مش بتضر).
- كيف يتعامل الناقهين مع الآلام والأعراض التي قد تظهر في الفترة الأولى.
- ما هو الموقف وكيفية التعامل مع ضغوط من يتعاطون المخدرات من الأهل أو الأصدقاء في الفترة الأولى للنقاهة.
- كيفية التغلب على الإلحاح للعودة الى المخدرات هذا الإلحاح الذي قد تحدث في هذه الفترة الأولى للنقاهة.
الهدف الثاني : كيف تتفاعل مع الأحداث الحزينة والمفرحة.
ان التدريب على مواجهة هذه المواقف هام جدا فهناك من يعود للمخدرات فورا بعد أول مشكلة أو طارئ والآخرون قد يعودون الى المخدرات نتيجة لأحداث سعيدة كالأفراح وذلك من خلال تدريبهم على:
(1) كيفية الحصول على السعادة والاطمئنان بدون مخدرات .
- كيف تواجه أوقات ومواقف الشدة بدون مخدرات.
- كيف تواجه الآلام.
الهدف الثالث : العلاقات الاجتماعية :
والهدف من التدريب هنا هو مواجهة المشاكل الاجتماعية التي تواجه الناقهين من المخدرات خاصة في الأيام الأولى بعد التوقف وذلك من خلال تدريبهم على :
- تدعيم علاقاته الاجتماعية الناضجة.
- تكوين صداقات جديدة.
- مراجعة علاقاته المختلفة وانتقاء الصالح منها.
- الأسرة وأهميتها للنقاهة وأهمية النقاهة للأسرة.
- كيف تكون أفضل الجماعات.
- مواجهة الأصدقاء أو الأهل المتعاطين للمخدرات.
- الناقه وتطوعه لخدمة مجتمعه في فترة النقاهة.
- كيف نغير من أهداف وسلوكيات مجموعة الإدمان(شلة التخميس)
- الهدف الرابع : العودة للعمل والنضوج
والهدف من التدريب هنا هو إظهار ان العمل والنضوج هو الوسيلة الصحية للسعادة والاطمئنان وان العكس يؤدي الى التدهور والإدمان وذلك من خلال مناقشة المجموعة في:
- مناقشة مراحل النقاهة من المخدرات كخطوة أولى في العودة للعمل والانتباه والنضوج.
- حسن اختيار مجالات العمل من واقع الخبرات العملية القديمة وخبرات الآخرين.
- كيف التغلب على مشاكل العمل.
- لتخطيط للمستقبل ،الأحلام والطموح وتحقيق الأهداف.
حلقات المناقشة للوقاية من الانتكاس
تهدف هذه الحلقات الى مناقشه رؤوس الموضوعات الهامة الآتية:-
- مراحل النقاهة
- كيف نتخلص من أعراض التوقف عن الإدمان وإلحاح الرغبة للعودة له
- مواطن الخطر في فترة النقاهة
- كيف نواجه التوتر وضغوط الحياة
- كيف نسعد بدون مخدرات
- مشاكل الأسرة أثناء النقاهة
- أهمية العلاقات الجماعية أثناء العلاج
- مخاطر تعاطي بدائل خاصة ما يدعى قليل الضرر مثل الحشيش
- الزلات البسيطة أثناء النقاهة وكيف الاستفادة منها
- لا تخجل وناقش مشاكلك بحرية
- تعلم ان تقول لا لكل من يقدم لك المخدرات
- كيف يتعامل الناقهون مع زملاءهم المدمنين الذين لم يبدءوا طريق العلاج
- كيف تعيد تقييم حياتك الاجتماعية
- كيف نكسب أصدقاء جدد
- كيف نستفيد من ثقة الناس بعد النقاهة في مجالات عملنا
- كيف تختار وظيفة تلائمك
- كيف تتخلص من مشاكل عملك
- كيف تتخلص من الآلام بدون استعمال عقاقير
- كيف تختار مجموعة مثالية تأتس بها
- كيف نقوي رابطة الحب والانتماء مع الآخرين
- النقاهة وأهمية الانتماء الى جماعات الناقهين
- التطلع للمستقبل والأهداف والأحلام
- قصص النجاح في النقاهة من المخدرات
- هذه المجموعة من الموضوعات هي تمثل معظم المشاكل وتعطي الكثير من المجالات التي تؤثر في الناقهين سلبا او إيجابا وتحتاج الى توضيح لكل منها ونبدأ اليوم بالحلقة الأولى منها0
حلقة النقاش الأولى مراحل النقاهة:
الهدف :
ان معرفة الناقهين من الإدمان بمراحل النقاهة وما سوف يمرون به من مراحل ومصاعب لهو هدف النقاش في هذه الحلقة ويجعل الناقهين قادرين علي معرفة أبعاد مشاكل مرحلة النقاهة وأين هم من مراحلها وكيف يواجهون مشاكل كل مرحلة
أهم نقاط المناقشة:
- أنه كما يواجه المدمنون مشاكل متعددة خلال مراحل إدمانهم فأنهم قد يعانون من بعض المشاكل في مرحلة توقفهم عن الإدمان مثلهم مثل كل إنسان في مرحلة نضوج وان هذه المشاكل قد تحدث في أي مجال من مجالات حياة المدمن
- لمعرفة الأحاسيس والمتاعب سوف يواجهونها خلال مراحل النقاهة ومعرفة هذه المرحلة يؤدي الى اطمئنان المدمن الى أدرك المعالج مخاوفه ومعرفة خطة العلاج تؤكد الثقة في المعالج مما يعطي العلاقة بين الناقهين والمعالجين دفعة إيجابية في طرق النقاهة.
- ان مناقشة مشاكل هذه المرحلة في هذه المجموعات من الناقهين حيث كل منهم مضى عليه وقت اقل او اكثر من الآخرين يؤدى الى معرفة خبرات الآخرين ويعطي انطباعا مطمئنا لمن مر بمرحلة النقاهة ومن هم في بداية طريق النقاهة
- ان عدم مناقشة هذه المراحل في المجموعة يؤدى الى عدم صدق أحاسيس الناقهين في برامج علاجهم ولذلك فأنه لا بديل عن الصدق والمصارحة فيما يمكن ان يواجه المدمن من مشاكل ومتاعب أثناء مراحل النقاهة.
كيف يبدأ الحوار :
الإعلان عن هدف النقاش السابق ذكره يبدأ بتذكير الناقهين بأهمية معرفتهم بمظاهر التقدم في العلاج ومعرفة ما وصلوا اليه من تقدم ولما بقي من مراحل ومشاكل وكيفية مواجهتها
إدارة الحوار من خلال الأسئلة:
ان توجيه الأسئلة التوضيحية هو أسلوب بناء ومن تلك الأسئلة للناقهين مثلا” لو ان هناك اثنين من المرضى نفس المرض الذي كانا يعانيان منه وعلى كل منهم المحافظة على مستوى تحسنه وعليه مواجهة الحياة بمشاكلها المختلفة واطلع أحدهما عما يجب تجنبه من مواطن الضعف وما يجب عمله بالتفصيل لمواجهة كافة المظاهر المرضية ولم يطلع الآخر عن تلك المعلومات الهامة من هذين المريضين تفضل ان تكون ؟؟؟
طرق مواجهة الإلحاح والرغبة في العودة للإدمان
الهدف من هذه الجلسة هو توضيح ان الرغبة الملحة للعودة للمخدر هي مشكلة الإدمان الأولى ولتوضيح طرق مواجهة هذه المشكلة وتدريب العاملين في مجال الإدمان وكذلك تدريب الناقهين.
من الهام : ان يدرك الناقهون مشكلتهم وأنها مشكلة مرضية وليست مجرد تعود على عادة سيئ. وكأي مرض آخر فان الإدمان يؤثر على حياة الإنسان ويؤدي الى مشاكل خطيرة ومضاعفات كثيرة وان اكثر مشاكل هذا المرض هي في الرغبة الى العودة للإدمان والتي تمثل لب المشكلة0 هذه الحلقة سوف نوضح كيف يمكن للناقهين السيطرة على هذه الرغبة الملحة وكيفية .
ان تغيير نمط حياة هؤلاء الناقهين هي خطوة أولى وهامة في القضاء على هذه الرغبة. ان جلسة علاج الرغبة الملحة في العودة للإدمان يجب ان تبحث في أولها ولمدة عشرين دقيقة الأسباب التي تدفع الى هذه الرغبة والأحاسيس المؤلمة المصاحبة لها وتكون في صورة حقائق علمية واضحة يجب أيضا ان نشرك الناقهين في النقاش وأن يتذكر كل واحد منهم سبب عودته للإدمان في مرات سابقة بعد علاجه وما هي اكثر المواقف التي تودي بالإنسان الى هذه العودة .
ان ذكريات كثيرة يمكن نسيانها بسهولة ولكن فجأة قد تعود ذكريات قديمة الى مجال الوعي بها بمجرد رؤية شيء معين او سماع أغنية معينة فتستثار الذاكرة بالكامل . ان التفكير في العودة للمخدرات يعاود الناقهين من الإدمان من فترة الى أخرى نتيجة لذكريات تطل عليهم من الماضي مؤثرة على موقفه الراسخ في مواجهة المشكلة.
ان حياة المدمن تتغير مع بداية تعاطيه للمخدرات ان سلوكه مع استعمال المخدرات يتغير بان يسلك طرقا مختلفة حتى يصل الى شراء المخدر. ويرتبط هذا بميعاد شبه ثابت يتعود معه على رؤية مجموعة معينة يتعامل معها بانتظام لتوفير المخدر وترتبط هذه العلاقة ارتباطا شرطيا بإحساس زائف من السعادة حيث يذهب لهم وهو يعاني الإلحاح لانتهاء ما معه من مخدرات وما ان يلقاهم ويتعاطى المخدر حتى يتغير إحساسه من الآلام والاكتئاب والقلق الى الشعور الزائف بالراحة بعد تعاطي المخدر ويرتبط ذلك مباشرة بإحساس غامر بالسادة لرؤيتهم. ان هؤلاء الذين يرتبط المدمن بهم من مجموعة أفراد بتعاطي معهم ومجموعة يشترى منها المخدر كثيرا ما يتقابل معهم بعد العلاج وقد يطلق ذلك له عنان الذاكرة لأوقات السعادة الزائفة السابقة وكثيرا ما يسارع أولئك المتاجرون بالعرض والإلحاح على أولئك الناقهين للعودة للإدمان وتحت تأثير إلحاحهم وقبل ان يفكر فأنه قد ينزلق الى مجاراتهم والعودة للإدمان مجاملة لهم ومن هنا قد ينتج مشاكل أخطرها وهو شعور الناقهين بضعف موقفهم أمام المتاجرين بالمخدر فيجعل إحساسه الشخصي ضعيفا في مواجهتهم .
ان الإلحاح والرغبة في العودة للإدمان ينطفئ كليا مع مرور الوقت حيث تفقد هذه الجماعات تدريجيا قدرتها على استثارة الناقهين من الإدمان مع ازدياد إرادة هؤلاء الناقهين نتيجة لاستمرار تحسنهم ومحافظتهم على البقاء بعيدا عن تعاطي المخدرات ولعدم استعدادهم للعودة الى المشاكل القديمة التي قاسوا منها أثناء الإدمان.
ان التغلب على إلحاح العودة للإدمان يحتاج من الناقهين المحافظة على نقائهم من المخدرات وصبرهم وقدرتهم على الحصول على الثقة والدعم من الآخرين وبناء صداقات جديدة . ان الإرادة تقهر أي إلحاح مهما كان دافعه أو قوته وذلك يتطلب مواجهة أولئك الذين ينتفعون من سقوط البعض في الإدمان . إننا لو تصورناهم فأنهم مثل قطة تضع لها وعاء لبن كل يوم خارج البيت فإذا انقطعنا عن وضع اللبن فأنها تعوي طلبا له ومع الوقت وعدم وضع لبن جديد لها فأنها تنقطع ولا تعود وهي مثل مروجي المخدرات يحتاجون للتجاهل والعنف في مواجهتهم حتى ينقطع أملهم ولا يعودوا في الإلحاح أكثر من الأول لذلك فان الالتصاق والثبات على المبدأ في النقاهة هو عامل هام لابتعاد المرتزقة والمنتفعين من الإدمان عن طريق الناقهين.
ان الإنسان يحتاج في هذه المواقف ليس فقط الى سلبية عدم التعاطي للمخدرات فقط ولكن الى إيجابية تقوية الإرادة وهذه الإيجابية تحتاج الى تعلم كيفية مواجهة المشاكل والمواقف الحادة والى معرفة طريق تحقيق احتياجات الإنسان من مأكل ومأمن ودفء وتعلم وانتاج وإبداع واحترام للجماعة واحترام للنفس . وانتماء إلى مجموعات اجتماعية صحيحة والى مبادئ ومثل دينية متعمقة المعاني ومن الحاجة الى مساعدة الآخرين الذين هم في نفس مشكلة الإدمان حتى تزداد الإرادة بمساعدة الآخرين وتجنب أماكن بيع المخدرات وصداقاتها وجلسات تعاطيها ان ذلك كله يجب ألا يصاحبه محاولة اختبار النفس بارتياد هذه الأماكن أو عودة هذه الصداقات لغرض اختبار النفس فان التعرض لهذه المشاكل لن يكون بحال عاملا إيجابيا بل هو خفة عقل وضياع للجهود وتشتيت للإرادة.
هناك حقائق يجب معرفتها في النهاية عن علاج الرغبة والإلحاح في العودة للمخدرات والإدمان وهي
- ان الإلحاح والرغبة في العودة للإدمان هي مشكلة ناتجة من طول تأثير الإدمان على الجهاز العصبي .
- أنه لتجنب إلحاح هذه الرغبة للعودة للإدمان يجب تجنب الأشخاص والأماكن التي ارتبطت في مخيلة المدمن بإدمانه السابق.
- ان من توقف عن الإدمان يجب عليه تجنب استعمال عقاقير أو بدائل ولو مؤقتة ان ذلك هو خطأ فادح يجب تجنبه لأن استعمالها يؤدي الى عودة الإلحاح الى المادة التي سبق إدمانه عليها. ان التعرض الى مواقف الإلحاح والرغبة في العودة للإدمان بدون حدوث العودة للإدمان يؤدي تدريجيا الى ازدياد الإرادة ولكما أدرك الإنسان هذه المواقف أدركها وامتنع عنها كلما ازدادت محصلة الإرادة.
- وأنه لذلك فان الامتناع عن الحصول على الأحاسيس المصاحبة للإدمان مثل النشوة الشديدة أو كسل شديد هو العامل الأكبر لانعدام تأثيرها السلب.
- ان العودة الى صداقات قديمة بعد مدة من الامتناع عن الإدمان مثل صديق قديم أو جار قديم ارتبط بالإدمان ولم يحسم الإنسان علاقته به ولم يدرك ذلك الصديق موقف المدمن من إدمانه فهو عامل قد يكون له تأثيرات سلبية في استمرار توقف المدمن عن التعاطي ويجب الحذر في هذه المواقف والمبادرة بإظهار حقيقة توقفك عن الإدمان حتى لا يكون له تأثير يذكر على من ازدادت إرادته وامتنع عن العودة للمخدرات.
- ان الرغبة والإرادة للتوقف عن الإدمان تحتاج الى صداقات جديدة وتعلم طرق جديدة للحصول على الاسترخاء والاطمئنان والتمتع بالحياة بالطرق الصحية وكيفية التمتع بأن يكون الإنسان فردا منتجا وناضجا وذلك كله يؤدي الى انعدام تأثير الإلحاح والرغبة للعودة الى الادمان ان الإرادة الحقيقية تنمو مع الأيام ومن العمل ومع الصحبة الطيبة ومن مساعدة الآخرين.
- قد تغلبك الرغبة والإلحاح في العودة للإدمان ذا حدث ذلك عد فورا لسابق انقطاعك عن المخدرات والى أرادتك السابقة. ان الانزلاق الى المخدرات قد لا يعني فشلك وضياع جهدك السابق ولكن هو توقف في طريق النجاح .عد فورا الى طريق نجاحك في مواجهة الإلحاح والرغبة للعودة للإدمان وتعلم من ذلك ما يحميك من تكرر هذه الزلات مرة أخرى.
- رغم ان إلحاح الرغبة للعودة للإدمان هو أحد مضاعفات مرضي الإدمان على المخدرات إلا أنه يبقي ان نقول لك أنه اختيارك المحض ان تكون صحيحا أو لا تكون بالمرة0 أما أن تأخذ خطواتك في طريق الانتهاء من هذا المرض أو أن تظل أحد ضحاياه حتى تنتهي صحيا ونفسيا واجتماعيا وماديا وأدبيا 0 تجنب هذه المواقف.
- أن تكون في مكان يباع فيه أو يتم تداول المخدرات أو حيث يجلس المدمنون.
- تجنب المواقف السلبية مثل الغضب والكآبة والوحدة والخوف
- تجنب الإحساس باللذة مع أي دواء عادي.
- تجنب الاستماع أو قراءة القصص التي تؤدي فيها المشاكل بصاحبها للإدمان.
- تجنب الآلام الجسدية وخذ النصيحة الطبية السليمة فور حدوث تلك الآلام.
- تجنب وجود مال كثير في يدك حاول ان تستغل أموالك في الاستثمارات المختلفة.
- تجنب الاطمئنان أنك قد انتهي إدمانك ويمكنك أن تتمتع بالمخدرات مرة أخرى مؤقتا باعتقاد أنك لن يؤثر عليك مرة أخرى فان ذلك خطر وخطأ عظيم .
مراجع
- د.احمد جمال أبو العزائم – الوقاية من الانتكاس,بحث مقدم لمؤتمر القاهرة العالمي لمنع الإدمان القاهرة مارس
- د.احمد جمال أبو العزائم – الإدمان والعنف ضد الأسرة,كتاب مؤتمر وقاية المرأة والطفل من العنف: الجمعية المصرية لحل الصراعات الأسرية والاجتماعية إبريل 1997 القاهرة
- مقالات د. احمد جمال أبو العزائم مجلة النفس المطمئنة أعداد 11،12،13،14 سنة 87-1988 0